غور الصافي: سنوات من التهميش والفقر

بالرغم من وجود غور الصافي بالقرب من البحر الميت ومصانع البوتاس ووجوده على الطريق الحيوي السياحي الذي يربط البحر الميت بالعقبة، إلا أنه يعاني من التهميش وضعف في الخدمات العامة، كما أنه يعد من المناطق الأشد فقراً في الأردن.
لذا جاء هذا الملف الصحفي ليسلط الضوء على منطقة غور الصافي تحديداً، والتي تتبع لواء الأغوار الجنوبية في محافظة الكرك، كون المنطقة تتوسط بعض المواقع المستغلة سياحياً واقتصادياً، كالبحر الميت والمصانع المجاورة، لكنها تعاني ضعف الخدمات وتدني في مستوى التنمية.
الواقع الخدمي والصحي
اطلعت “صحافيون” على الواقع الصحي والخدمي في منطقة غور الصافي من خلال آراء المواطنين والعاملين في المؤسسات التي تقدم الخدمة، التي عبروا من خلالها عن ضعف الخدمات المقدمة لهم سواء على مستوى البنية التحتية او على مستوى نقص الكوادر والتخصصات الطبية المختلفة.
يصنف مستشفى غور الصافي الحكومي كمستشفى طرفي تحويلي، لا يحتوي على كل التخصصات الطبية. علماً أنه يخدم أكثر من 50 ألف مواطن من سكان المنطقة والمناطق المجاورة.
يعاني المستشفى من نقص بعض التخصصات الطبية كأخصائي القلب وأخصائي الكلى، الأمر الذي يحتم
تحويل المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والكلى إلى مستشفيات عمان والكرك، ما يؤدي إلى زيادة معاناة المرضى جراء قطع مسافات طويلة للوصول إلى تلك المناطق البعيدة، بحسب مدير المستشفى الدكتور أشرف البوات.
كما أن عزوف بعض الأطباء عن القدوم لهذا المستشفى لبعد المسافة، ولارتفاع درجات الحرارة وعدم وضع المستشفى على قائمة المناطق الأشد صعوبة في التعيين، جعل منه بيئة طاردة للكوادر الطبية، أدى إلى نقص في عدد الأطباء، ما يتسبب في معاناة الأطباء العاملين فيه وزيادة ساعات عملهم.
فيما أوضح مدير مركز صحي غور الصافي الدكتور علي مشاعلة أن المركز الصحي الوحيد في المنطقة، يقوم بمراجعته ما بين ٣٠٠ إلى ٣٥٠ مريض يومياً، فيتسبب بالاكتظاظ داخل المركز، مضيفاً أن بعد المسافة تفرض على الأطباء القادمين من خارج المنطقة المغادرة قبل نهاية الدوام، ويجعل من الرقابة على المنتجات الغذائية في الأسواق والمحلات التجارية من قبل الجهات الرقابية المختصة أمراً نادراً كون المنطقة بعيدة عن تلك الجهات، ما يؤدي إلى زيادة حالات التسمم، بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
التقت “صحافيون” المدير التنفيذي لبلدية الأغوار الجنوبية عن منطقة غور الصافي، وأجرت معه مقابلةً خاصةً، والتي أوضح فيها الخدمات التي تقدمها البلدية، والتحديات التي تواجهها، وتطرق إلى التطلعات المستقبلية للبلدية في المنطقة.
الواقع التعليمي في غور الصافي
تتدنى نسب التحصيل التعليمي في مدارس غور الصافي، وتسجل أدنى نسبة نجاح في الثانوية العامة على مستوى المملكة. حيث بلغت نسبة النجاح في الثانوية العامة في المنطقة لهذا العام 29%، بالرغم من أن جميع مدارس المنطقة مشمولة بمكرمة المدارس”ذات الظروف الخاصة” . وبحسب مدير تربية لواء الأغوار الجنوبية نضال المجالي فإن ثلاث مدارس ثانوية للبنين لم ينجح فيها أي طالب.
تطرق المجالي للحديث عن بعض الأسباب التي تؤدي إلى تدني نسبة النجاح في غور الصافي، أهمها أن المنطقة تعاني من الفقر، والاكتظاظ في المدارس، وعزوف بعض المعلمين عن القدوم للمنطقة بسبب طول المسافات.
بلغ عدد المدارس المستأجرة في قضاء غور الصافي خمس مدارس، ومدرستان تعملان بنظام الفترتين، بسبب الاكتظاظ في الصفوف.
يذكر أن عدد المدارس في الأغوار الجنوبية بلغت 39 مدرسة، منها 26 مدارس إناث ومختلطة، و13 مدرسة للذكور.
الواقع السياحي في غور الصافي
أجرى فريق “صحافيون” مقابلةً خاصةً مع مدير إدارة المواقع السياحية في وزارة السياحة، والتي تحدث فيها عن الواقع السياحي في غور الصافي، كما بيّن فيها دور وزارة السياحة في المنطقة، معترفاً أن المنطقة تحتاج إهتماماً أكثر من قبل الوزارة.
“نجاح” قصة نجاح
نجاح المحافظة فتاة من غور الصافي في الثانية والثلاثين من عمرها، تزوجت وبعد فترةٍ وجيزةٍ رحل زوجها عنها تاركاً وراءه توأمين من البنات.
تعمل “نجاح” ” مستخدمة” في إحدى المدارس الأساسية في غور الصافي، بعد أن تركت المدرسة بسبب الفقر وافتقار المنطقة التي تقطنها للتعليم الجيد.
لكن سرعان ما دخلت الرغبة إلى قلب “نجاح” بعدما رأت معلمات المدرسة التي تعمل فيها، حين قمن بتشجيعها للعودة للدراسة من جديد.
“نجاح” اليوم وبعد أن اجتازت مرحلة الثانوية العامة بنجاح منذ سنواتٍ خلت، تكمل دراستها الجامعية في سنتها الثانية، لتؤكد أن لاشيء مستحيل أمام الإصرار والإيمان بالوصول.
“نجاح” أخذت فريق “صحافيون” إلى مكان عملها وروت قصة نجاحها.